الباب الخامس: 8
الإغراءات وعلاجها (1)
الرب لم يترك لوط لمرأى عينيه وشهوات قلبه، لكنه تعامل معه بالمعاملات الابوية لكي يرجعه إلى الوضع الصحيح. فالرب لا يتركنا عندما نضل بعيداً عنه، لكنه يعرف أن يرد نفوسنا. فقد قال الكتاب عن تعامل الرب مع لوط: «يَعْلَمُ الرَّبُّ أَنْ يُنْقِذَ الأَتْقِيَاءَ مِنَ التَّجْرِبَةِ» (2 بطرس 2: 9).
يقينا هناك خسائر لا بد أن تحدث في طريق الضلال لأنه وأن كان إلهنا محب، يحب المخطئ، لكنه أيضاً قدوس، لا يتساهل مع الخطية. فلابد أن ندفع الثمن. فالمبدأ الإلهي «لاَ تَضِلُّوا! اَللهُ لاَ يُشْمَخُ عَلَيْهِ. فَإِنَّ الَّذِي يَزْرَعُهُ الإِنْسَانُ إِيَّاهُ يَحْصُدُ أَيْضًا» (غلاطية 6: 7). ولكن الرب لايتركنا أبدا في ضلالنا وزيغاننا بعيداً عنه ولكنه يتعامل معنا ليرجعنا إليه.
وفي طريق معاملات الله مع لوط صنع معه أموراً عظيمة ومجيدة، قد يصنعها معنا نحن أيضا ليرجعنا مرة آخرى إليه.
أولاً: الرب يحذر وينبه لوط
بعد اعتزال لوط عن إبراهيم وارتحاله إلى سدوم حدثت حرب وحصار لسدوم وعمورة لفترة طويلة، وبدلاً من أن يرجع لوط ويعترف بخطأه استمر هناك في سدوم. فالرب حذر لوط وأعطاه مهلة زمنية كافية للخروج من سدوم، وذلك حتى أتت الحرب الشديدة، وأنتصر الملوك المحاربين لسدوم، وأخذوا الشعب وممتلكاته غنيمة لهم، بما فيهم لوط وأسرته. «أَخَذُوا جَمِيعَ أَمْلاَكِ سَدُومَ وَعَمُورَةَ وَجَمِيعَ أَطْعِمَتِهِمْ وَمَضَوْا. وَأَخَذُوا لُوطاً ابنَ أخي ابرَامَ وَأَمْلاَكَهُ وَمَضَوْا» (تكوين 14: 11 ، 12).
كانت ليالي سوداء للوط وهو ينساق كالعبد مقيداً ومسبي إلى شمال دمشق مع زوجته وبناته. ويقيناً أخذ يصلي قائلاً أخرجني يا رب من هذه المشكلة وحررني من هذا الاسر وأنا سأعود إلى عمي إبراهيم وسأعود لحياة الشركة معك ولحياة الخيمة والمذبح. وربما بكى كثيراً في هذه الأيام الصعبة.
وهذا ما يحدث معنا عزيزي القارئ،عندما تغرينا مباهج الحياة وتجعلنا نبتعد عن الرب. فقد يسمح لنا بالضيق لكي نستيقظ ونتوب ونرجع إليه. فهو قد يستخدم الضيق كعلاج لضعفنا الروحي. «أُضَيِّقُ عَلَيْهِمْ لِكَيْ يَشْعُرُوا» (أرميا 10: 18). لذلك إن كنت في هذه الأيام تعاني من ظروف صعبة، فلا تحزن أو تيأس أو تتذمر. بل أدعوك أن تأتي إلى الرب طالباً منه أن يعلن لك، ماذا يريد من جراء هذه الظروف الصعبة في حياتك. فربما تكون هذه الظروف بمثابة بوق تحذير وإنذار لك، ونداء محبة من الرب للعودة والرجوع إليه. فهل تأتي إليه. وهل تلبي النداء؟
مجدي صموئيل