Magdy Samuel

تأملات من "كتاب دليل المهاجر"

الباب الخامس: 5
الاغراءات واضرارها (3)

ماذا خسر لوط أيضاً؟
سادساً: خسارة الممتلكات
لقد احترق كل ما كان للوط في سدوم، وخسر كل ما سعى ليمتلكه فيها.   فما أبعد الفارق بين  إبراهيم  ولوط.  إن إبراهيم لم يسع لإمتلاك شئ، ولكن أكرمه الرب مادياً وأعطاه وأغناه.  «وَكَانَ أَبْرَامُ غَنِيًّا جِدًّا فِي الْمَوَاشِي وَالْفِضَّةِ وَالذَّهَبِ» (تكوين 13: 2). 

لقد سعى إبراهيم لتكون له علاقة مع الله الذي يغني ولم يسع للغنى، فتمتع بالشركة الغنية مع الله، وأخذ الغنى والكرامة.  فقد قال الرب في سفر الأمثال: «أَنَا أُحِبُّ الَّذِينَ يُحِبُّونَنِي، وَالَّذِينَ يُبَكِّرُونَ إِلَيَّ يَجِدُونَنِي. عِنْدِي الْغِنَى وَالْكَرَامَةُ. قِنْيَةٌ فَاخِرَةٌ وَحَظٌّ. ثَمَرِي خَيْرٌ مِنَ الذَّهَبِ وَمِنَ الإِبْرِيزِ، وَغَلَّتِي خَيْرٌ مِنَ الْفِضَّةِ الْمُخْتَارَةِ» (امثال 8: 17 – 19).

أما لوط فأراد أن يمتلك كل مباهج العالم، و قد نجح في إمتلاك الكثير.  فقد ذكر الوحي أن: «لُوطٌ السَّائِرُ مَعَ أَبْرَامَ، كَانَ لَهُ أَيْضًا غَنَمٌ وَبَقَرٌ وَخِيَامٌ» (تكوين 13: 5).  وقد صار من أغنياء سدوم.  ولكنه فقد كل ما امتلكه في سدوم.

اخي القارئ،  إن آجلا أوعاجلا سنترك حتماً كل غنى هذا العالم، سواء أردنا أم ابينا.  وقد يحدث هذا ونحن هنا الآن على الارض، فقد نفقد ما إمتلكناه بسبب تقلبات هذا العالم وأوضاعه غير المستقرة. أو نفقده عندما تنتهي حياتنا هنا على الأرض. «لأَنَّنَا لَمْ نَدْخُلِ الْعَالَمَ بِشَيْءٍ، وَوَاضِحٌ أَنَّنَا لاَ نَقْدِرُ أَنْ نَخْرُجَ مِنْهُ بِشَيْءٍ»  (1 تيموثاوس 6: 7). أو نفقدها عندما يأتي الرب لاختطافنا.

لذلك  أخي القارئ،
لا تسعى لأمتلاك ما هو زائل وتضع قلبك عليه، بل أطلب ماهو باق ولا يمكن أن يزول. وكل هذه الاشياء الباقية سوف تزاد لك.  «اطْلُبُوا أَوَّلاً مَلَكُوتَ اللهِ وَبِرَّهُ، وَهذِهِ كُلُّهَا تُزَادُ لَكُمْ» (متى 6: 33).  ولا تجعل الإغراءات العالمية الفانية تفقدك الأمور الروحية الباقية.

سابعاً:  خسارة السمعة والتاريخ
 ما أبعد الفارق بين تاريخ إبراهيم وتاريخ لوط ونهاية إبراهيم ونهاية لوط.  وبين نسل ابراهيم ونسل لوط. لقد دعي  إبراهيم "خليل الله". وتحقق له وعد الرب أن يتبارك فيه وفي نسله جميع قبائل الارض.  وقد جاء اسمه في سجل الشرف في ابطال الايمان في عبرانيين 11. 

أما لوط فقد سقط اسمه من هذه القائمة وأرتبط اسمه للاسف بخطايا الشذوذ الذي يسمى في المناطق العربية باللواط نسبة إلى لوط.  مع أنه أبعد ما يكون عن هذا، ولكنها خطية أهل سدوم.  ولكن لأنه أرتبط بسدوم فأرتبط اسمه بخطية أهل سدوم.
       
ومن جهة النسل فقد أعطى الرب ابراهيم اسحق.  وصار نسله هو شعب الله المختار.  وتمم الرب وعده له :  «أَجْعَلُ نَسْلَكَ كَتُرَابِ الأَرْضِ، حَتَّى إِذَا اسْتَطَاعَ أَحَدٌ أَنْ يَعُدَّ تُرَابَ الأَرْضِ فَنَسْلُكَ أَيْضًا يُعَدُّ ... وَأكثر نَسْلَكَ كَنُجُومِ السَّمَاءِ، وَأُعْطِي نَسْلَكَ جَمِيعَ هذِهِ الْبِلاَدِ، وَتَتَبَارَكُ فِي نَسْلِكَ جَمِيعُ أُمَمِ الأَرْضِ»  (تكوين 26: 4 و 13: 16).  وليس هذه فقط، فقد أتى من نسله المسيا المنتظر شخص المسيح المبارك.
 
أما لوط فقد خسر البركة من جهة النسل،  فقد جلب نسله العار على أسمه.  فهو قد فقد بناته المتزوجات في سدوم، واما ابنتيه اللتين خرجتا معه من سدوم للاسف الشديد فعلتا الشر معه، ولوثتا سمعة والدهما وتاريخه.  وانجبتا منه المؤابي والعموني اللذين صارا إعداء شعب الله.  لقد خسر لوط كل شئ في حياته، وحتى بعد مماته. 

ليحفظنا الرب من هذه النهاية المفزعة لقصة حياة لوط وليعطنا أن نكون كإبراهيم خليل الله، الذي وإن مات يتكلم بعد.  ليبارك الرب حياتنا ويحفظنا من كل شرور العالم، فتكون حياتنا وسيرتنا بعد مماتنا شهادة مباركة لأسمه القدوس.

مجدي صموئيل