Magdy Samuel

تأملات من "كتاب دليل المهاجر"

الباب الرابع: 1
هاجر وغرور الحياة

«وَأَمَّا سَارَايُ امْرَأَةُ ابرَامَ فَلَمْ تَلِدْ لَهُ. وَكَانَتْ لَهَا جَارِيَةٌ مِصْرِيَّةٌ اسْمُهَا هَاجَرُ،  فَقَالَتْ سَارَايُ لابرَامَ: "هُوَذَا الرَّبُّ قَدْ أَمْسَكَنِي عَنِ الْوِلاَدَةِ. ادْخُلْ عَلَى جَارِيَتِي لَعَلِّي أُرْزَقُ مِنْهَا بَنِينَ". فَسَمِعَ ابرَامُ لِقَوْلِ سَارَايَ.   فَأَخَذَتْ سَارَايُ امْرَأَةُ ابرَامَ هَاجَرَ الْمِصْرِيَّةَ جَارِيَتَهَا، مِنْ بَعْدِ عَشَرِ سِنِينَ لإِقَامَةِ ابرَامَ فِي أرض كَنْعَانَ، وَأَعْطَتْهَا لابرَامَ رَجُلِهَا زَوْجَةً لَهُ.   فَدَخَلَ عَلَى هَاجَرَ فَحَبِلَتْ. وَلَمَّا رَأَتْ أَنَّهَا حَبِلَتْ صَغُرَتْ مَوْلاَتُهَا فِي عَيْنَيْهَا» (تكوين 16: 1 – 4).

هاجر جارية مصرية جاءت مع إبراهيم من أرض مصر، وربما قد أعطاها فرعون هدية له.  ومعنى اسمها هجرة أو هروب.  ومن خلال دراستنا لحياة هاجر المهاجرة، نجد الكثير من الدروس النافعة لنا في رحلة الحياة.

كانت هاجر جارية مصرية، وربما كانت تعاني من ظروف صعبة ومن عبودية المصريين، التي عانى منها بنو اسرائيل حيث يقول الكتاب المقدس أنهم «مَرَّرُوا حَيَاتَهُمْ بِعُبُودِيَّةٍ قَاسِيَةٍ فِي الطِّينِ وَاللِّبْنِ وَفِي كُلِّ عَمَل فِي الْحَقْلِ. كُلِّ عَمَلِهِمِ الَّذِي عَمِلُوهُ بِوَاسِطَتِهِمْ عُنْفًا» (خروج 1: 14). 

ويقينا تمتعت هاجر بالراحة والحرية عندما صارت جارية إبراهيم، فإبراهيم بالتاكيد كان يعامل عبيده وإمائه معاملة حسنة وهذا مانراه واضحا في علاقته باليعازر الدمشقي إذ جعله كبير بيته ووكله على كل ماله بل لقد كان يهتم ليس فقط بعبيده وإمائه، ولكن حتى بأمر حماره، إذ يقول لغلاميه اجلسا أنتما هنا مع الحمار حتى نذهب لنسجد ثم نرجع إليكما.

والكتاب يقول أن: «الصِّدِّيقُ يُرَاعِي نَفْسَ بَهِيمَتِهِ، أَمَّا مَرَاحِمُ الأَشْرَارِ فَقَاسِيَةٌ» (امثال 12: 10).

وهكذا انتقلت هاجر من مرحلة صعبة في حياتها إلى مرحلة أفضل وأعظم ولم ينته الأمر عند هذا الحد، بل بعد عشر سنين من إقامتها في أرض كنعان، صارت زوجة لإبراهيم رب البيت ورأس العائلة، إذ أعطت سارة هاجر لإبراهيم لتكون زوجة له.


 وهكذا وجدت هاجر نفسها زوجة لإبراهيم واقتربت من مكانة سارة سيدتها.  وتطور الأمر أكثر، ولم يتوقف عند هذا النجاح الكبير في حياتها، إذ خلال وقت قصير حملت هاجر وصارت تحمل في أحشائها ولي العهد ووريث إبراهيم، ومن سيملك كل غنى إبراهيم.
 
ومن هنا نرى أنه في حوالي عشر سنوات فقط تحولت هاجر من جارية مصرية فقيرة ومستعبدة، إلى جارية لإبراهيم، ثم إلى جارية ساراي اي وصيفتها وكبيرة جواريها، مثلما كان لعازر الدمشقي لإبراهيم ثم إلى زوجة لإبراهيم، وأخيراً أم ولي العهد ووريث إبراهيم، الذي ينتظره من سنين طويلة. 

عند هذا الحد لم تتمالك هاجر نفسها ولم تتحمل كل هذا النجاح الكبير والسريع  خلال سنوات قليلة؛ فارتفع قلبها وابتدات تحتقر سارة سيدتها وولية نعمتها وصغرت مولاتها في عينيها.  ومن هنا يأتي التحدي الثالث من تحديات الحياة وهو الغرور أو الكبرياء.

عندما يعطينا الرب ويغنينا وعندما نجد أن ظروفنا وإمكانياتنا تغيرت وصرنا ننتقل من نجاح إلى نجاح، هناك من لا يتحمل هذا النجاح، فيرتفع قلبه وتستعلي عيناه ويتكبر ويحتقر الآخرين من حوله.  بل قد ينسى الرب الذي أعطاه واغناه. 

أخي القارئ لا تفتخر على الآخرين ولا تحتقر من هم أقل منك، ولكن اشكر الرب على ما صنعه معك وصلى لأجل الآخرين.

مجدي صموئيل