Magdy Samuel

تأملات من "كتاب دليل المهاجر"

الباب الثالث: 7
الاحباطات وعلاجها (1)

لم يترك الرب سارة تعاني من الشعور بالإحباط والفشل، ولكنه تعامل معها بالرحمة والرأفة، واستطاع الرب أن يشفيها تماماً من كل إحباطها، وأن يملأ قلبها بالإيمان بشخصه والفرح والتسبيح لجلاله.

  فقد جاء اسمها في سجل أبطال الإيمان في الرسالة إلى العبرانين أصحاح 11.  إذ قال عنها الوحي «بِالإيمان سَارَةُ نَفْسُهَا أَيْضًا أَخَذَتْ قُدْرَةً عَلَى إِنْشَاءِ نَسْل، وَبَعْدَ وَقْتِ السِّنِّ وَلَدَتْ، إِذْ حَسِبَتِ الَّذِي وَعَدَ صَادِقًا» (عبرانين 11: 11). 

لقد عالج الرب سارة من خلال ثلاثة أمور عظيمة ومجيدة، فعلها معها، ويفعلها الرب أيضاً معنا عندما نصاب بالإحباط والفشل.

أولاً:  الرب يزور سارة ويجدد الوعد
ما أعظم نعمة الرب الغنية فانه لم يترك سارة فريسة للإحباط على الرغم من أنها أخطأت ولم تتجه للرب وأتخذت قراراً خاطئاً بتزويجها رجلها من هاجر. ولكن الرب بنفسه في نعمته الغنية، زار إبراهيم في الخيمة.  وليس ذلك فقط ولكنه سأل عن سارة التي لم تخرج للقائه. فهو لم يأت لأجل إبراهيم خليله فقط، بل لأجل سارة المحبطة ايضاً. ولا نعرف لماذا لم تخرج سارة للقاء الرب، قد يكون لسبب إحباطها أو خوفها وخجلها مما فعلت.  وبالرغم من هذا لم يتجاهل الرب سارة، بل سأل عنها إبراهيم قائلاً: أين سارة امرأتك؟
لقد جدد الرب وعده لها قائلاً: «فِي الْمِيعَادِ أَرْجعُ إِلَيْكَ نَحْوَ زَمَانِ الْحَيَاةِ وَيَكُونُ لِسَارَةَ ابْنٌ»  (تكوين 18: 14).

وهذا ما يفعله الرب معنا عندما تخور قلوبنا ونشعر بالإحباط، يزورنا الرب من خلال كلمتة.  وقد يكون هذا في خلوتنا الشخصية أو من خلال دراستنا للكلمة أو أثناء حضورنا لإجتماع أو مؤتمر روحي، أو من خلال سماعنا لخدمة مسجلة.  فيتجدد رجائنا وإيماننا.

عندما سمعت سارة هذا الوعد لم تتجاوب معه، ولكنها ضحكت في باطنها.  ولم يكن هذا الضحك تعبيراً عن الفرح بوعد الرب، بل تعبيراً عن اليأس من تحقيق وعد الرب.  لقد تملك منها الإحباط واليأس، ولكن الرب الطبيب العظيم عرف ما يدور في باطنها ولم يتركها في يأسها بل سأل إبراهيم معاتباً:  
«لِمَاذَا ضَحِكَتْ سَارَةُ قَائِلةً: أَفَبِالْحَقِيقَةِ أَلِدُ وَأنا قَدْ شِخْتُ؟».  وعندما خافت سارة وتعجبت، كيف كشف الرب أعماقها، انكرت أنها ضحكت.  ولكن الرب واجهها وقال  : «لاَ! بَلْ ضَحِكْتِ».  ثم أعطاها الرب هذا الرجاء المبارك: «هَلْ يَسْتَحِيلُ عَلَى الرَّبِّ شَيْءٌ؟» (تكوين 18: 12 – 14). فغير المستطاع لديك يا سارة مستطاع لدى الرب إلهك. 

وليس ذلك فقط بل أن الرب، أكد وجدد وعده لسارة ولإبراهيم مرتين في هذه الزيارة، بأن يعطيهم نسلاً، وعن طريق سارة، وفي خلال عام من هذه الزيارة.
«"إِنِّي أَرْجعُ إِلَيْكَ نَحْوَ زَمَانِ الْحَيَاةِ وَيَكُونُ لِسَارَةَ امْرَأَتِكَ ابْنٌ" ... "فِي الْمِيعَادِ أَرْجعُ إِلَيْكَ نَحْوَ زَمَانِ الْحَيَاةِ وَيَكُونُ لِسَارَةَ ابْنٌ"»  (تكوين 18: 10، 14).

عزيزي القارئ،
الرب أكبر من إحباطك.  والرب أعظم من فشلك.
فلا تصدق كلمات إبليس المشككة. ولا تستسلم لمشاعرك المحبطة. 
ولا تعتمد على الواقع والعيان الذي يفشلك. ولا تنظر إلى امكانياتك الشخصية الضعيفة.
ولكن ارفع عينيك بإيمان إلى الرب.  وصدق وعده  لك.  وقل دائماً:  «حَاشَا! بَلْ لِيَكُنِ اللهُ صَادِقًا وَكُلُّ إِنْسَانٍ كَاذِبًا» (رومية 3: 4)

وعندما يزورك الرب كما زار سارة، ويتلامس مع قلبك وإحباطك من خلال كلمته الشافية، تجاوب مع معاملاته الإلهية، ولا ترفض تعزية القدير.
«لأن اللهَ لَمْ يُعْطِنَا رُوحَ الْفَشَلِ، بَلْ رُوحَ الْقُوَّةِ وَالْمَحَبَّةِ وَالنُّصْحِ» (2 تيموثاوس 1: 7).

مجدي صموئيل