Magdy Samuel

تأملات من "كتاب دليل المهاجر"

الباب الثالث: 6
الإحباطات واسبابها (2)

ما هي الاسباب الآخرى التي جعلت سارة تعاني من الإحباط، ودفعتها لإتخاذ القرار الخاطئ؟
هناك ثلاث أسباب أخرى قد تكون دفعت سارة للشعور بالإحباط، وهذه الاسباب، قد تجعلنا نحن أيضاً نتعرض للإحباط.

ثالثاً:  طول الانتظار
عندما خرجت سارة وإبراهيم من أور كان لديهم الوعد بالبركة والنسل الكثير، ولكن انتطرت سارة سنة وراء  الآخري ليتحقق الوعد.  وفي كل سنة تقول ربما هذا العام سيأتي ابن الموعد.  وبعد عشر سنوات فقدت الأمل وجاء الإحباط.  مما دفعها للتدخل لحل المشكلة بواسطة الوسائل البشرية.

وهذا ما يحدث معنا عندما ننتظر أمراً أو تغييراً في حياتنا، ويطول انتظارنا.  فالانتظار الطويل مع عدم حدوث تغيير أو تحسن في ظروفنا، يقودنا للإحباط والفشل.

ولكن أخي القارئ دعنا ننتظر الرب، فهو يتأنى علينا، لكنه لا يتركنا ولا ينسانا
فقد انتظر يوسف أكثر من عشرين عاماً ليتحقق وعد الرب له، أن يكون رئيساً على أخوته. 
كما انتظر موسى ما يقرب من أربعين عاماً ليستخدمه الرب. 
وانتظر إبراهيم خمسة وعشرين عاماً ليتحقق الوعد بإسحق. 
وانتظر التلاميذ حتى الهزيع الرابع، حتي يأتى الرب إليهم. 
أنتظر الرب وثق أن وقت الأنتظار ليس وقتاً ضائعاً، لكنه وقتاً مباركاً،  ليعلمنا الرب من خلاله دروساً عظيمة تقوي إيماننا.
«وَأَمَّا مُنْتَظِرُو الرَّبِّ فَيُجَدِّدُونَ قُوَّةً. يَرْفَعُونَ أَجْنِحَةً كَالنُّسُورِ. يَرْكُضُونَ وَلاَ يَتْعَبُونَ. يَمْشُونَ وَلاَ يُعْيُونَ»  (اشعياء 40: 31).

رابعاً:  انقطاع الأمل
أنتظرت سارة عشر سنوات بعد هجرتها إلى أرض كنعان لكي يتحقق لها وعد الرب، ويكون لها ابن.  لكنها في السنه العاشرة شعرت بالإحباط الشديد فجعلت إبراهيم يتزوج هاجر.  في الأغلب، في هذه السنة رأت سارة إنها كبرت، وأنها فقدت تماماً القدرة على الانجاب وأنها من الناحية البيولوجية من المستحيل أن تنجب فقد أنقطع أن يكون لها عادة كالنساء.  فقد يكون هناك إمكانية عند إبراهيم زوجها للإنجاب اما هي فقد فقدت الأمل تماماً.

وأحيانا كثيرة نصاب بالإحباط عندما ننظر إلى إمكانياتنا الضعيفة وقدراتنا البسيطة ونرى أنه من المستحيل أن يتحقق وعد الرب لنا. 
فنقول كما قال موسى للرب:
«اسْتَمِعْ أَيُّهَا السَّيِّدُ، لَسْتُ أَنَا صَاحِبَ كَلاَمٍ مُنْذُ أَمْسِ وَلاَ أَوَّلِ مِنْ أَمْسِ، وَلاَ مِنْ حِينِ كَلَّمْتَ عَبْدَكَ، بَلْ أَنَا ثَقِيلُ الْفَمِ وَاللِّسَانِ»  (خروج 4: 10).
 
أو كما قال واحد من دار رئيسِ المجمع ليايرس: 
«قَدْ مَاتَتِ ابْنَتُكَ. لاَ تُتْعِبِ الْمُعَلِّمَ» (لوقا :8: 49). 

أو كما قال بولس وهو في السفينة: 
«انْتُزِعَ أَخِيرًا كُلُّ رَجَاءٍ فِي نَجَاتِنَا» (اعمال 27: 20). 

أخي العزيز القارئ،
 لا تضع عينك على امكانياتك وقدراتك التي قد تكون ضعيفة جداً، أو ربما غير موجودة.  ولكن أرفع عينك على إلهك القدير، القادر على كل شئ.  فهو الذي قال لسارة:  «هَلْ يَسْتَحِيلُ عَلَى الرَّبِّ شَيْءٌ؟»، عندما ضحكت في باطنها قائلة: «أَبَعْدَ فَنَائِي يَكُونُ لِي تَنَعُّمٌ؟». 
فحتى بعد فناء قوتنا وقدرتنا الرب يستطيع أن يحقق الأمر. فهو ليس عنده مانع أن يخلص بالقليل أو بالكثير.  فقط علينا أن نأتي للرب متضعين وطالبين منه بإيمان:  «لَيْسَ فِينَا قُوَّةٌ أَمَامَ هذَا الْجُمْهُورِ الْكَثِيرِ الآتِي عَلَيْنَا، وَنَحْنُ لاَ نَعْلَمُ مَاذَا نَعْمَلُ وَلكِنْ نَحْوَكَ أَعْيُنُنَا» (أخبار التاني 20: 12).  فهو الذي قال ليايرس:  «لاَتَخَفْ! آمِنْ فَقَطْ، فَهِيَ تُشْفَى»  (لوقا 8: 50).

خامساً:  تأثير العالم
كان أمر زواج الرجل من جواريه أمر شائع ومنتشر في ذلك الوقت في أرض كنعان. وربما اشارت بعض السيدات أو أحدى الجواري على سارة بهذا الأمر.  وقد تكون سارة رأت هذا الأمر في مصر وفي أرض كنعان فتأثرت بهذه الأفكار واقتنعت بها.

  مع أنها قد تكون عارضت بشدة في البداية، لكن مع مرور الوقت وتأخر تحقيق وعد الرب باسحق، ومع إغراء العالم وإلحاح الآخرين بهذا الحل السريع، شعرت بالإحباط واليأس من جهة تحقيق وعد الرب، فأقتنعت بأفكار العالم، ودفعت إبراهيم للزواج من هاجر.
 
وهذا ما يحدث أحياناً عندما نتأثر بأفكار ومبادئ المجتمع المحيط بنا والذي نعيش فيه.  ونشاكل ابناء هذا الدهر في مبادئهم.  ونعتنق المبادئ العالمية والحلول غير الروحية.  فالعالم يقدم حلولاً سهلة وسريعة. 

بدلاً من أن تنتظر الرب لحل مشكلاتك الزوجية يقدم لك العالم الطلاق كحل سريع للمشكلة.  ففي البداية قد نرفض حل مشاكلنا الزوجية بالطلاق رفضاً باتاً، ولكن بسبب تأثير العالم علينا؛ نقبل الطلاق لحل مشاكلنا الزوجية. وقد نقبل الزواج بشخص غير مؤمن، مع أننا كنا نرفض ذاك تماماً من قبل.  وهكذا تتغير مبادئنا المسيحية. 

يتعرض المؤمن لضغوط وإلحاحات عالمية كثيرة، ليس فقط في أمر الزواج والأسرة فقط.  فقد يتعرض لها في أموره الحياتية اليومية أو في عمله، فالكل من حوله يلجأ لمثل هذه الحلول العالمية.  وربما يتعرض لها حتى من المؤمنين، إذ يجد بعضاً منهم قد يلجأ لمثل هذه الحلول العالمية السريعة.  مما يجعله يصاب بالإحباط فيتصرف مثلهم.

أخي القارئ، ليعطنا الرب نعمة لنستطيع أن نقاوم هذا التيار العالمي.  ونتمسك بمبادئنا المسيحية، حتى وأن كنا في أرض غريبة.  ولنتعلم من يشوع الذي رفض أن يسير حسب مبادئ العالم وقال للشعب «وَإِنْ سَاءَ فِي أَعْيُنِكُمْ أَنْ تَعْبُدُوا الرَّبَّ، فَاخْتَارُوا لأَنْفُسِكُمُ الْيَوْمَ مَنْ تَعْبُدُونَ ... وَأَمَّا أَنَا وَبَيْتِي فَنَعْبُدُ الرَّبَّ»  (يشوع 24: 15).

فأرفض حلول العالم السريعة وأنتظر مشيئة الرب لحياتك حتى وأن توانت.  وثق أن الرب سيعينك على الانتظار، وسيكرمك ويكافئك على أنتظاره.  لأنه وعد قائلاً:  «حَاشَا لِي! فَإِنِّي أُكْرِمُ الَّذِينَ يُكْرِمُونَنِي»  (1 صموئيل 2: 30).

مجدي صموئيل