Magdy Samuel

تأملات من "كتاب دليل المهاجر"

الباب الثاني: 6
المخاوف واسبابها (2)

هنالك اسباب آخرى لخوف إبراهيم وقراره بالنزول إلى مصر واضطراره لأن يقول عن سارة أنها أخته.

السبب الثاني:  شر أهل المكان
عندما سأل ابيمالك إبراهيم لماذا فعل هذا الأمر وقال عن سارة أنها أخته، «فَقَالَ إبراهيم: "إِنِّي قُلْتُ: لَيْسَ فِي هذَا الْمَوْضِعِ خَوْفُ اللهِ الْبَتَّةَ، فَيَقْتُلُونَنِي لأَجْلِ امْرَأتي"» (تكوين 20 : 10-11).
لقد نظر إبراهيم حوله فوجد أن أهل المكان لا يعرفون الله ولا يعبدونه ولا يخافونه.  وعندما نظر إلى سلوكياتهم وعاداتهم خاف وشعر أنه معرض للخطر والموت.

وهذا مايحدث معنا كثيراً عندما نجد الشر من حولنا في كل مكان، نخاف على انفسنا وزوجاتنا وأولادنا.  ولكن علينا أن نؤمن أنه وأن لم يكن خوف الله موجوداً في مكان ما، فإن الله نفسه موجود في كل مكان.
«لأن عَيْنَيِ الرَّبِّ تَجُولأن فِي كُلِّ الأرض لِيَتَشَدَّدَ مَعَ الَّذِينَ قُلُوبُهُمْ كَامِلَةٌ نَحْوَهُ» (2 اخبار الأيام 16: 9).

أحياناً عندما نتبين أن الشر والظلم والفساد منتشر في كل مكان، (حيث الفساد الأخلاقي والتمييز والتحيز والظلم والأنحلال والتفكك الأسري وتمرد الابناء وانتشار المخدرات والأنتحار والقتل)، يعترينا الشعور بالخوف الشديد على انفسنا وزوجاتنا وأزواجنا وأولادنا وبناتنا ومستقبلنا وحياتنا. 

ولكن نحن نثق أن الرب الذي حفظ يوسف طاهراً في أرض مصر، وحفظ دانيال من كل نجاسة بابل، وحفظ الفتية الثلاثة ونحميا وغيرهم، يستطيع أن يحفظنا من نجاسة وشراسة هذا العالم الحاضر الشرير. 
إن كان خوف الله غير موجود في قلوب كثيرين من البشر، لكننا نثق أن سلطان الله موجود على كل البشر. 
الرب الذي نجى بطرس من هيرودس والفتية من غضب نبوخذنصر ومردخاي من شر هامان، يستطيع أن ينجيك في كل مكان وزمان.  أنظر إلى ما قاله المرنم في المزمور:  «الرَّبُّ لِي فَلاَ أَخَافُ. مَاذَا يَصْنَعُ بِي الأنسَانُ؟» (مزمور 118: 6).  وأهتف مع الرسول بولس قائلاً:  «إِنْ كَانَ اللهُ مَعَنَا، فَمَنْ عَلَيْنَا؟» (روميا 8: 31).

السبب الثالث:  ضعف الإيمان
إذا تأملنا في الحوار الذي دار بين إبراهيم وسارة قبل النزول إلى مصر، نستطيع أن نستشعر أن إيمان إبراهيم بدأ يضعف.  وكان هذا الضعف سبباً رئيسياً في خوفه.  «يَكُونُ إِذَا رَآكِ الْمِصْرِيُّونَ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ: هذِهِ امْرَأَتُهُ. فَيَقْتُلُونَنِي وَيَسْتَبْقُونَكِ.  قُولِي إِنَّكِ أُخْتِي»  (تكوين 12: 12، 13). 

عندما ننشغل بذواتنا ونخاف عليها، ونهتم كثيراً بحمايتها؛ نقع في فخ الخوف وضعف الإيمان. «خَشْيَةُ الأنسَانِ تَضَعُ شَرَكًا، وَالْمُتَّكِلُ عَلَى الرَّبِّ يُرْفَعُ»  (امثال 29: 25).
 
لا نستطيع أن نلق كل اللوم، في اسباب الخوف، على ضغوط الزمان وشر أهل المكان.  ولكن في الحقيقة أن السبب الرئيسي للخوف هو ضعف ذواتنا وإيماننا.  لقد نظر إبراهيم إلى نفسه وشعر بضعفه وأن عمره قارب على الثمانين وليس لديه أولاد أو عائلة تساعده وتحميه، وهو مسئول عن سارة أيضاً، كما أنه غريب وضعيف فخاف.  فلقد خاف إبراهيم وضعف إيمانه عندما أتكل على قوته وذاته

إن الله الذي دعاك يا إبراهيم قادر على رعايتك وحمايتك.  وهو رفيق غربتك وهو ولي أمرك، فلا تتكل على ذاتك بل على الرب الهك.

وقد يحدث هذا أيضاً معنا عندما ننظر إلى ذواتنا وإمكانياتنا، ونجد أننا غرباء عن أهل هذا العالم، وربما إمكانياتنا المادية قليلة وشخصياتنا ضعيفة، نبدأ نخاف.  لكن دعونا لا نضع أعيننا على ذواتنا وامكانياتنا، بل نضع عيوننا على محبة وإمكانيات إلهنا.

 

مجدي صموئيل