Magdy Samuel

تأملات من "كتاب دليل المهاجر"

الباب الثاني: 3
المخاوف واضرارها (2)

ماذا فقد ابراهيم ايضاَ؟ هناك أمور آخرى فقدها إبراهيم بسبب الخوف ؛ فهو لم يفقد فقط الشركة مع الله والشعور بالامان والسلام الداخلي؛ فعندما يتسلل الخوف إلى قلوبنا يجعلنا نفقد الكثير.  والآن سنتأمل في اشياء أخري فقدها ابراهيم.

ثالثاً:  فقدان حياة الاستقامة
الخوف يقودنا إلى الخطأ. «خَشْيَةُ الأنسَانِ تَضَعُ شَرَكًا، وَالْمُتَّكِلُ عَلَى الرَّبِّ يُرْفعُ» (امثال 29: 25).  عندما خاف إبراهيم اضطر أن يكذب وقال عن سارة أنها أخته، مع أنها أخته من ابيه ولكنها ليست من أمه وأخفى حقيقة أنها زوجته.

ومن هنا نرى أن الخوف أحياناً يقودنا إلى أن نخطئ أمام الله ولا نسلك بضمير صالح أمامه.  فقد نكذب أو نغضب أو نهرب أو نختلس أو نرتكب أخطاء آخرى كثيرة قد يكون سببها الأساسي هو الخوف.

فالخوف جعل داود يهرب إلى الفلسطينين ويتظاهر بالجنون أمام أخيش ملك جت ويكذب عليه.  والخوف من إليهود جعل بطرس يقع في خطية الرياء وانقاد إليه برنابا.  بل الخوف أمام جارية جعل بطرس ينكر المسيح.  
الخوف قد يجعلك تضطر للكذب أمام المسئولين، أو تقدم مستند غير صحيح، أو لا تصرح بالحقيقة، أو تعط معلومات مضللة. 

لذلك أخي القارئ أدعوك أن تتوقف عن أخذ أي قرار وأنت خائف ومنزعج.  اذهب إلى الرب أولاً لتهدأ نفسك أمامه وسوف يرشدك الرب إلى القرار الصحيح أو المناسب.

إن المؤمن الحقيقي لا يستطيع أن يفرح ويستمتع بحياته بينما ضميره معذب بسبب خطأ في حياته.  فالعدو يحاول أن يفقدنا حياة الاستقامة لكي يفقدنا أفراحنا وقوتنا.

عزيزي القارئ أن كنت قد فقدت حياة الاستقامة وراحة الضمير، فأنا أدعوك أن تأتي الآن إلى الرب عند الصليب معترفاً بخطاياك، لكي تستطيع أن تواصل المسير بفرح في رحلة الغربة.  ثق في الرب، «فَهُوَ أَمِينٌ وَعَادِلٌ، حَتَّى يَغْفِرَ لَنَا خَطَايَأنا وَيُطَهِّرَنَا مِنْ كُلِّ إِثْمٍ» (1 يوحنا 1: 9)

رابعاً:  فقدان السعادة الزوجية
الخوف والقرارات الخاطئة الصادرة من قلب خائف تجعلنا نفقد الكثير.  فقد نرتكب أخطاء في حق أنفسنا وزوجاتنا وأولادنا وأسرنا وغيرهم بسبب هذه القرارات والتصرفات الناتجة عن الخوف.  فالخوف جعل إبراهيم يفقد سارة.

كانت ليلة أوعدة ليالي مرة لإبراهيم، إن لم تكن أسوأ أيام رحلته عندما أُخذت سارة إلى قصر فرعون.  لقد صنع فرعون له خيراً بسببها وأعطاه غنم وبقر وإماء وعبيد وجمال وأتن وحمير، ولكن ماذا يعوض عن سارة!

يمكننا أن نترجم ونحول عطايا فرعون السبعة لإبراهيم، بلغة العصر الذي نعيش فيه، إلى اشياء عصرية.  فالغنم والبقر إشارة إلى أن العالم يمكن أن يعطيك أفضل الطعام.  والجمال والأتن والحمير تشير إلى أفضل وسائل المواصلات والسيارات الفارهة.  والإماء والعبيد بلغة العصر الحالي تقابل أفضل تكنولوجيا الراحة والرفاهية، من أجهزة منزلية والكمبيوتر ووسائل الراحة والترفيه.

فقد تستطيع أن تملأ بيتك بكل وسائل السعادة، ولكنك تفتقر إلى السعادة نفسها
فالكتاب يقول: 
«اَلْقَلِيلُ مَعَ مَخَافَةِ الرَّبِّ، خَيْرٌ مِنْ كَنْزٍ عَظِيمٍ مَعَ هَمٍّ»  (امثال 15: 16).
«لُقْمَةٌ يَابسَةٌ وَمَعَهَا سَلاَمَةٌ، خَيْرٌ مِنْ بَيْتٍ مَلأن ذَبَائِحَ مَعَ خِصَامٍ» (امثال 17: 1).

أخي القارئ عش أميناً للرب رافضاً لعطايا العالم، والرب في نعمته سيعطيك ويرضيك، فهو وحده الذي قال: «عِنْدِي الْغِنَى وَالْكَرَامَةُ. قِنْيَةٌ فَاخِرَةٌ وَحَظٌّ» (امثال 8: 18).
فقد يعطيك العالم الكثير، ولكن أحذر فالعالم يأخذ منك أكثر مما يعطيك.  فقد يعطيك الكثير من المال أو النجاح أو الرفاهية والراحة، ولكن يسرق منك سلامك الشخصي وسعادتك الزوجية أو خدمتك الروحية أو شركتك مع الله.
فاحذر من عطايا العالم.

مجدي صموئيل