Magdy Samuel

تأملات من "كتاب دليل المهاجر"

الباب الثاني: 2
المخاوف واضرارها

عندما يتسلل الخوف إلى قلوبنا يجعلنا نفقد الراحة والاستمتاع بحياتنا ويشوش على تفكيرنا ويؤثر على قراراتنا.  فإذا  تمكن منا يجعلنا لا نتمتع بالاستقرار والطمـأنينة ويجعلنا نفقد الكثير.  وهذا ما حدث مع رجل الله إبراهيم.

ماذا فقد رجل الله إبراهيم بسبب المخاوف؟! 
أعتقد أن هناك أمور كثيرة فقدها إبراهيم بسبب الخوف.  وسنتأمل في بعضها.

أولاً:  فقدان الشعور بالامان والسلام الداخلي
«فَيَكُونُ إِذَا رَآكِ الْمِصْرِيُّونَ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ: هذِهِ امْرَأَتُهُ. فَيَقْتُلُونَنِي وَيَسْتَبْقُونَكِ»  (تكوين 12: 12).

عندما نخاف بسبب تغير الظروف وتبدل الأحوال؛ نجد انفسنا نفقد سلامنا القلبي والفكري، ويضعف إيماننا، ونتوقع أسوأ الأمور، وتتوتر أعصابنا.  وأحياناً يتأثر نومنا وتضعف قدراتنا على العمل والتفكير.  وهذا يقودنا إلى اتخاذ قرارات خاطئة في حياتنا، وحلول خاطئة لمشكلاتنا. 

وهذا ما حدث مع رجل الله إبراهيم، لقد توقع أن المصرين حتماً سيقتلونه عندما يرون سارة؛ فخاف وفقد سلامه واطمئنانه، فاضطر أن يقول عن سارة أنها أخته.

فالآمان والسلام الداخلي هما من أعظم عطايا الله للمؤمنين.
«سَلاَمًا أَتْرُكُ لَكُمْ. سَلاَمِي أُعْطِيكُمْ. لَيْسَ كَمَا يُعْطِي الْعَالَمُ أُعْطِيكُمْ أنا. لاَ تَضْطَرِبْ قُلُوبُكُمْ وَلاَ تَرْهَبْ» (يوحنا 14: 27).  وعندما يملأ قلوبنا هذا السلام الذي ينبع من الداخل ولا يعتمد على الظروف الخارجية، لا نخاف رغم كل الظروف من حولنا. 

فقد قال داود:  «اَلرَّبُّ نُورِي وَخَلاَصِي، مِمَّنْ أَخَافُ؟ الرَّبُّ حِصْنُ حَيَأتي، مِمَّنْ أَرْتَعِبُ؟ عِنْدَمَا اقْتَرَبَ إِلَيَّ الأَشْرَارُ لِيَأْكُلُوا لَحْمِي، مُضَايِقِيَّ وَأَعْدَائِي عَثَرُوا وَسَقَطُوا. إِنْ نَزَلَ عَلَيَّ جَيْشٌ لاَ يَخَافُ قَلْبِي. إِنْ قَامَتْ عَلَيَّ حَرْبٌ فَفِي ذلِكَ أنا مُطْمَئِنٌّ» (مزمور 27: 1 – 3).

أخي ضع عينك على الرب دائماً.  واطلب إليه قائلاً:
 يا من أعطيتني سلامك في قلبي،
احفظ سلامك الذي اعطيتني اياه داخلي.
ولا تجعلني أخاف بسبب ما يجري حولي.

ثانياً:  فقدان الشركة مع الله
في كل مكان ذهب إليه إبراهيم كان يبني مذبحاً للرب إلهه ويقدم ذبائح الحمد والشكر للرب.  لقد فعل هذا في شكيم وبيت إيل وحبرون وعلى جبل المريا .  ولكننا لا نقرأ ابداً أنه بنى مذبحاً في أرض مصر عندما ذهب  إلى هناك.

الخوف يجعلنا نفقد أفراحنا وتعزياتنا ورغبتنا في الشكر والحمد والتسبيح للرب.  كما إن الخوف المزمن أو المستمر يقودنا إلى حالة من التبلد الروحي أو البلادة الروحية، فنصبح متراخين في شركتنا بالرب وغير حارين في الروح ومقصرين في عبادتنا للرب.

وهذا ما يحدث لنا أحياناً في رحلة الحياة، بسبب الضغوط المتزايدة علينا، وأعباء ومخاوف الحياة؛  فنفقد رغبتنا وشهيتنا وحتى قدرتنا على عبادة الرب والسجود له. 
 فعندما سبيّ الشعب إلى بابل، وطلبوا منهم هناك التسبيح والترنيم للرب، قالوا:

«عَلَى الصَّفْصَافِ فِي وَسَطِهَا عَلَّقْنَا أَعْوَادَنَا. لأنهُ هُنَاكَ سَأَلَنَا الَّذِينَ سَبَوْنَا كَلاَمَ تَرْنِيمَةٍ، وَمُعَذِّبُونَا سَأَلُونَا فَرَحًا قَائِلِينَ: "رَنِّمُوا لَنَا مِنْ تَرْنِيمَاتِ صِهْيَوْنَ".كَيْفَ نُرَنِّمُ تَرْنِيمَةَ الرَّبِّ فِي أرض غَرِيبَةٍ؟"» (مزمور 137: 2 – 4).

  تتميز حياة إبراهيم في رحلة الغربة بشيئين اساسيين وهما: الخيمة والمذبح
أي حياة الغربة عن العالم وحياة الشركة مع الله.  لقد استمر إبراهيم في أرض مصر في الخيمة لكنه فقد المذبح. 

أخي هل فقدت ترنيمك وتسبيحك؟ 
إن الحياة في الخيمة بدون المذبح قاسية للغاية. 
هل خيمتك خالية من المذبح الشخصي والعائلي؟
وهل صوت الترنم  يسمع من خيمتك ايها الصديق؟
إن كنت فقدت مذبحك تعال إلى الرب ليرمم لك المذبح من جديد؛ فتعود ترنم في الأرض الغريبة وتفرح بالرب.

مجدي صموئيل