Magdy Samuel

تأملات من "كتاب ممن أخاف"

الباب الرابع: 3

ثانيًا: مصائب الحياة وذكريات الماضي


ما أكثر مصائب الحياة وضغوطها ومخاوفها.  فهناك الخوف والقلق على العمل وفقدانه، والخسارة المادية.  وهناك الخوف من المصائب والكوارث الطبيعية، كالزلازل والسيول والفيضانات والتلوث.  وهناك الخوف من المصائب كالإرهاب والحروب.  وهناك الخوف من فقدان الأهل والأحباء.

بني قورح ومصائب الحياة
في مزمور 46 نجد بني قورح، الذين تعرضوا لكارثة مرعبة نقرأ عنها في سفر العدد أصحاح 16، فلقد انشَقَّت الأرض من تحتهم وفتحت الأرض فاها وابتلعت كل ما كان لهم من بيوت وأموال وآباء وأمهات وأقارب وهبطوا أحياء إلى الهاوية، وانطبقت الأرض عليهم حتى أن كل الشعب هربوا من حولهم قائلين لعل الأرض تبتلعنا.  ونزلت النار وأكلت المائتين والخمسين رجلاً الذين قدّموا المجامر (المباخر). 

وطرقوا هذه المجامر وصنعوها غشاء لمذبح الرب لكي يكون عبرة لمن يعتبر وتحذير للجميع.  لكن الكتاب في سفر العدد أصحاح 26 يعلن أن بني قورح (الأطفال) لم يموتوا، لكن النعمة والعناية الإلهية حفظتهم وأنقذتهم.

وعندما كبر هؤلاء الأطفال صاروا مرنمين في جماعة الرب، وهتفوا في مزمور 46 قائلين: «الله لنا ملجأ وقوة.  عونًا في الضيقات وُجد شديدًا.  لذلك لا نخشى ولو تزحزحت الأرض، ولو انقلبت الجبال إلى قلب البحار.  تعِجُّ وتَجِيشُ مياهها.  تتزعزع الجبال بطموها.  نهر سواقيه تفَرِّح مدينة الله، مقدس مساكن العلي.  الله في وسطها فلن تتزعزع.  يعينها الله عند إقبال الصبح»

لفد فقد بني قورح كل شيء، فقدوا: 
      البيت والسكن والأموال
      الأباء والأمهات والأهل والأقارب 
      الصيت والسمعة والمستقبل

أين يعيشون وكيف يعيشون ومع من يعيشون وماذا يعملون وكيف يتعاملون مع الناس؟ 
لقد فقدوا كل شيء.

لكنهم في هذه الترنيمة يتحدون الخوف قائلين: «لا نخشى ولو تزحزحت الأرض ولو انقلبت الجبال إلى قلب البحار».

مع أن أكثر شيء كان يمكن أن يرعب بني قورح هو زحزحة الأرض التي تذكِّرهم برعب الماضي.  فمن يتعطل به المصعد مرة يخاف من ركوبه مستقبلاً.  ومن يتعرض لحادث يخشى قيادة السيارات.  ومن يتعرض لخبرة زلزال يخاف من أي اهتزاز.

ولكن الله يعالج الخوف.  «لا نخشى ولو تزحزحت الأرض». 
بل إنهم يرنِّمون عن بيت الرب ومذبح الرب في مزمور84 قائلين «ما أحلى مساكنك يا رب الجنود تشتاق بل تتوق نفسي إلى ديار الرب... العصفور أيضًا وجد بيتًا والسنونة عشًا لنفسها حيث تضع أفراخها مذابحك يا رب الجنود ملكي وإلهي».  مع أن مذبح الرب عليه غشاء مصنوع من مجامر أسرهم، لكن بدلاً من أن يخيفهم مذبح الرب، نجده يطمئنهم ويفرحهم

كيف تحدّي بني قورح الخوف؟ 
وكيف استطاع الرب أن يحرِّرهم من الذاكرة المخيفة؟

لقد قال بني قورح في المزمور:

1- «الله لنا ملجأ وقوة عونًا في الضيقات وُجد شديدًا».  لقد صار الله وليّهم الحي، وأبوهم المحب، وسر قوتهم وعونهم.  فقد فقدوا كل اتكال بشري ومعونة إنسانية، ولكن الرب صار لهم الملجأ والقوة والعون الشديد.

2- «الله في وسطها فلن تتزعزع».  لقد آمنوا بسلطان الله القادر على كل شيء، والضابط لكل شيء.  كما أنه لا يوجد أمر في الحياة خرج من سلطان يديه.

3- «يعينها الله عند إقبال الصبح».  لقد وثقوا أن الرب قادر على إنقاذهم من كل تجربة، وأنه يعطي مع التجربة المنفذ لكي يستطيعوا أن يحتملوا.  لأنه «كثيرة هي بلايا الصديق ومن جميعها ينجيه الرب» (مزمور34: 19). «طلبت إلى الرب فاستجاب لي ومن كل مخاوفي أنقذني» (مزمور34: 4).

أخي القارئ مهما مررت في حياتك بمصائب وكوارث، ثق أن الله يسيطر على حاضرك ومستقبلك.

مجدي صموئيل