Magdy Samuel

تأملات من "سلام وسط الآلام"

لنتعلم كيف نعيش الطاعة (3)

ثالثًا: التأديب الأبوي ومخافة الرب
«وإن كنتم تدعون أبًا الذي يحكم بغير محاباة حسب عمل كل واحد فسيروا زمان غربتكم بخوف» (1 بطرس 1: 17).

نعم أبونا أبو الرأفة وإله كل تعزية ومُحب محبة غير مشروطة، هذا صحيح، لكنه أيضًا يحكم؛ إنه يحكم ويقضي ويدين.  يحكم بغير محاباة ولا يحابي بالوجوه.  كوننا أبناء لا يعني أنه لن يحاسبنا، إنه يحاسبنا حسب عمل كل واحد؛ إنه حُكم فردي لكل شخص.  يومًا ما سوف نعود إلى موطننا ونقف أمام كرسي المسيح، ولهذا يتكلم الرسول بطرس عن فترة وجودنا هنا على الأرض قائلاً "زمان غربتكم" وليس "زمان حياتكم".  إن حياتنا هنا على الأرض ما هي إلا جزء صغير من الرواية، وأحد فصولها القصيرة،

فلابد أن نعود يومًا إلى وطننا، ونعطي حسابًا عما فعلنا طيلة فترة غربتنا.  لذلك يقول سيروا زمان غربتكم بخوف. 
تكررت كلمة الخوف عدة مرات في هذه الرسالة؛  هناك نوعان من الخوف؛ خوف يجب ألا نخافه مكتوب عنه «غير خائفات خوفا البتة ... أما خوفهم فلا تخافوه ولا تضطربوا»     (1 بطرس 3: 6، 14).  ولكن هناك خوفًا من نوع آخر؛ إنه خوف مقدس ونقي أيضًا.  إنه الخوف الذي يطالبنا به الرب ويذكره الرسول بطرس أربع مرات:
«فسيروا زمان غربتكم بخوف» (1 بطرس 1: 17)
«أكرموا الجميع.  أحبوا الإخوة.  خافوا الله» (1 بطرس 2: 17)
«ملاحظين سيرتكنّ الطاهرة بخوف» (1 بطرس 3: 2)
«مستعدين دائما لمجاوبة كل من يسألكم عن سبب الرجاء الذي فيكم بوداعة وخوف» (1 بطرس 3: 15).

إنه الخوف المكتوب عنه «خوف الرب نقي» (مزمور 19: 9).  وأيضًا «رأس الحكمة مخافة الرب» (مزمور 111: 10)، إنه الخوف الذي يجعلنا نطيع الله فنعيش حياة روحية تقية ومقدسة.  عندما كتب الرسول بولس «تمموا خلاصكم بخوف ورعدة» (فيلبي 2: 12)، لم يقصد الخوف من الهلاك أو العقاب أو الدينونة، لأن الدينونة قد عبرت وحياتنا قد ضُمنت.  ولكن عندما لا نحكم على أنفسنا نؤدب من الرب.  «لأننا لو كنا حكمنا على أنفسنا لما حكم علينا.  ولكن إذ قد حكم علينا نؤدب من الرب لكي لا ندان مع العالم»   (1 كورنثوس 11: 30 – 32). 

إننا نحتاج للخوف لنستطيع أن نعيش حياة الطاعة والقداسة الحقيقية، وقد نحتاج أيضًا للتأديب الأبوي لنتعلم الطاعة. من كثرة ما تكلمنا عن النعمة فقدنا الشعور بالرهبة الأبوية.  لذلك يقول الرب «الابن يكرم أباه والعبد يكرم سيده.  فإن كنت أنا أبًا فأين كرامتي وإن كنت سيدًا فأين هيبتي» (ملاخي 1: 6). 

أحبائي، نحن أحيانًا نُصيّر الحرية فرصة للجسد.  دعونا ندرك أن الله أبانا له كل الكرامة والهيبة والإجلال، دعونا لا نخاف منه بل نخافه ونقدسه في قلوبنا. 

مجدي صموئيل