Magdy Samuel

تأملات من "سلام وسط الآلام"

لنتعلم كيف نعيش الطاعة (2)

ثانيًا: الاقتداء والتغيير
«بل نظير القدوس الذي دعاكم كونوا أنتم أيضًا قديسين في كل سيرة» (1بطرس 1: 15).
الابن يرث أباه، ومن مميزات الابن أنه لا يرث فقط ممتلكات أبيه بل يرث اسم وصفات أبيه أيضًا.  إنه امتياز أن نكون قديسين كما هو قدوس.  فنحن لا نأخذ عطايا الرب فقط، لكننا نأخذ صفاته وقداسته أيضًا.  «لأن أولئك أدبونا أيامًا قليلة حسب استحسانهم.  وأما هذا فلأجل المنفعة لكي نشترك في قداسته» (عبرانيين 12: 10).

إنها ليست مسئولية بقدر كونها هبة وامتياز أن نأخذ صفات المسيح.  لذلك يكتب الرسول بطرس في رسالته الثانية «كما أن قدرته الإلهية قد وهبت لنا كل ما هو للحياة والتقوى بمعرفة الذي دعانا بالمجد والفضيلة  اللذين بهما قد وهب لنا المواعيد العظمى والثمينة لكي تصيروا بها شركاء الطبيعة الإلهية هاربين من الفساد الذي في العالم بالشهوة» (2 بطرس 1: 3، 4).  إذًا لكي نعيش الطاعة يجب علينا أن نترك الماضي بكل شهواته، وأيضًا نقتدي بالمسيح في صفاته.

إننا نتمتع بهذا الميراث وهذا التغيير بالوجود في محضر الرب.  «ونحن جميعًا ناظرين مجد الرب بوجه مكشوف كما في مرآة نتغيّر إلى تلك الصورة عينها من مجد إلى مجد كما من الرب الروح» (2 كورنثوس 3: 18).  والطاعة أيضًا نتعلمها في محضر الله عندما ندخل المقادس.  عندما دخل إشعياء النبي المقادس ورأى الملائكة وهي تقول «قدوس قدوس قدوس رب الجنود مجده ملء كل الأرض»، أدرك أنه نجس الشفتين واعترف قائلاً: «ويل لي إني هلكت لأني إنسان نجس الشفتين وأنا ساكن بين شعب نجس الشفتين لأن عينيّ قد رأتا الملك رب الجنود.»  وعندئذ مس واحد من السرافيم فم إشعياء بجمرة من على المذبح وقال «هذه قد مست شفتيك فانتزع إثمك وكفر عن خطيتك.»  ثم سمع إشعياء صوت السيد الرب قائلاً: «من أرسل ومن يذهب من أجلنا؟»  لقد تعلم إشعياء الطاعة في محضر الرب فأجاب «هأنذا أرسلني.» 

عندما ندخل إلى محضر الله نرى قداسته، فندرك نجاستنا، وعندئذ نطيع ونتغير.  ولهذا كتب الرسول بطرس «نظير القدوس الذي دعاكم كونوا أنتم قديسين في كل سيرة.» وتكلم أيضًا عدة مرات عن السيرة في هذه الرسالة، إذ يكتب:

  •  عالمين أنكم افتديتم لا بأشياء تفنى بفضة أو ذهب من سيرتكم الباطلة التي تقلدتموها من الآباء (1 بطرس 1: 18).
  •  وأن تكون سيرتكم بين الأمم حسنة.  (1 بطرس 2: 12)
  •  كذلكنّ أيتها النساء كنّ خاضعات لرجالكنّ حتى وإن كان البعض لا يطيعون الكلمة يربحون بسيرة النساء بدون كلمة.  (1 بطرس 3: 1)
  •  ملاحظين سيرتكنّ الطاهرة بخوف. (1 بطرس 3: 2)
  •  ولكم ضمير صالح لكي يكون الذين يشتمون سيرتكم الصالحة في المسيح يخزون في ما يفترون عليكم كفاعلي شر.  (1 بطرس 3: 16). 

كلمة "سيرة" تعني قصة حياة والبعض يقول إنها تأتي من كلمة مسيرة؛ وهي أيضًا تأتي في بعض الترجمات ”Life style“  أي أسلوب حياة.  إن سيرة الشخص ليست فقط معلناته وأسراره، إنها أسلوب حياته وطريقة كلامه، إنها كل ما يفعل وكل ما يقول.  لذلك يقول الرسول بطرس كونوا قديسين في كل سيرة، أي في كل مجال.

كما ان كلمة "قديسين" هنا تعني مخصصين ومفرزين، لكنها تعني أيضًا مختلفين.  لذلك يدعونا الرسول بطرس أن نختلف عن الآخرين في كل شيء؛ في خوفنا «وأما خوفهم فلا تخافوه» (1 بطرس 3: 14)، في حزننا «لا تحزنوا كالباقين الذين لا رجاء لهم» (1 تسالونيكي 4: 13)، وفي أفكارنا وصلواتنا وحتى في طلباتنا. «فلا تطلبوا أنتم ما تأكلون وما تشربون ولا تقلقوا.  فإن هذه كلها تطلبها أمم العالم.  وأما أنتم فأبوكم يعلم أنكم تحتاجون إلى هذه.  بل اطلبوا ملكوت الله وهذه كلها تزاد لكم» (لوقا 12: 29 – 31).  لتكن سيرتنا عطرة فيظهر من خلالها شخص المسيح.

مجدي صموئيل