Magdy Samuel

تأملات من "سلام وسط الآلام"

العلاج في ثلاث أفعال
الفعل الثالث: ألقوا

«فألقوا رجاءكم بالتمام على النعمة التي يؤتى بها إليكم عند استعلان يسوع المسيح»  (1 بطرس 1: 13).
أما الفعل الثالث فحتمي لاكتمال العلاج، ألا وهو "ألقوا".  وهو نفس الفعل الذي يقال عندما يلقي البحارة المرساة (الهلب) على صخرة لتثبيت السفينة.  لذلك لم يقل الرسول بطرس ضعوا رجاءكم، بل ألقوا رجاءكم.  ويؤكد ذلك كاتب رسالة العبرانيين قائلاً «لنمسك بالرجاء الموضوع أمامنا الذي هو لنا كمرساة للنفس مؤتمنة وثابتة»  (عبرانيين 6: 18، 19). 

أخي، وسط آلامك وأوجاعك ومخاوفك اليومية ألق رجاءك على إلهك الذي قريبًا سيأتي ليأخذنا إليه وينهي كل ألم ووجع.  ألق مرساتك ورجاءك عليه، لأنه «هو الصخر الكامل صنيعه» (تثنية 32: 4).  تأتي كلمة "بالتمام" في بعض الترجمات بمعني ألقوا رجاءكم "حتى النهاية"، ففي ترجمة King James  تأتي “To the end“   أي ألق رجاءك على إلهك كل يوم في حياتك. سلمه حياتك إلى آخر يوم فيها، لا تشك في قدرته، بل ثق أنه لن يشفي ألمك فقط، لكنه سيمجدك ويكافئك أيضًا على ثقتك به.  «فلا تطرحوا ثقتكم التي لها مجازاة عظيمة»  (عبرانيين 10: 35).
على من تلقي رجاءك؟  إن كنت تلقي رجاءك على شيء آخر فلن تستطيع التمتع بهذا العلاج المكون من هذه الأفعال الثلاثة.  إن ألقيت مرساتك ورجاءك على مالِك أو غناك، أني أضع أمامك هذه الآية «أوص الأغنياء في الدهر الحاضر أن لا يستكبروا ولا يلقوا رجاءهم على غير يقينية الغنى بل على الله الحي الذي يمنحنا كل شيء بغنى للتمتع» (1 تيموثاوس 6: 17).  إن وضعت رجاءك على شيء أو شخص سوى المسيح، أنت تضع رجاءك ومرساتك على شيء غير يقيني أو غير ثابت.  هل يمكن للسفينة أن تهدأ وتطمئن إن كانت مرساتها قد ألقيت على ما هو غير ثابت؟!  وهل تستطيع أنت أن تطمئن وسط آلامك إن كنت تضع رجاءك على ما هو غير يقيني؟!

يصف لنا الرسول بولس رحلته في السفينة ومحاولة إنقاذها من الرياح الشديدة في سفر أعمال الرسل قائلاً: «بعد قليل هاجت عليها ريح زوبعية ... طفقوا يستعملون معونات حازمين السفينة ... رموا من المؤخر أربع مراس ... شططوا السفينة فارتكز المقدم ولبث لا يتحرك.  وأما المؤخر فكان ينحل من عنف الأمواج» (أعمال 27: 14، 17، 29، 41).  وللأسف هذا التحزيم وهذه المراسي لم تنقذ السفينة من الريح الشديدة.  أحبائي، إني أضع أمامكم نوعًا آخر من التحزيم وهو منطقوا أحقاء ذهنكم، وأيضًا نوعًا آخر من المراسي التي ليست على سراب أو مال أو غنى ولكنها على الرجاء المبارك الذي سيتحقق قريبًا.

أخي، إن رجاء مجيء الرب هو الحل لكل مشاكلنا وأوجاعنا، فلن يكون هناك وجع أو صراخ أو دموع، وسنقف أمام الرب لنكلل منه.  ولكن إن كان هذا المجيء سبب خوف لك، لشعورك بالتقصير فإني أضع أمامك باقي الآية «ألقوا رجاءكم بالتمام على النعمة».  أية نعمة؟! «النعمة التي يؤتى بها إليكم عند استعلان يسوع المسيح» (1 بطرس 1: 13).   فنحن لن نقف أمام الرب على حساب أعمالنا وبرنا.  فقد خلصنا بالنعمة وأيضًا نقيم في النعمة ونلقي رجاءنا بالتمام على النعمة.  إن كنا سنقف أمام الرب على حساب أعمالنا فلن يستطع أحد الوقوف؛ إذ ليس لنا حجة للوقوف أمام الرب سوى عمله ونعمته.

عندما تشتد الظلمة ويزداد الأنين ليس لنا سوى أن نرفع أعيننا إلى إلهنا القادر أن يحمينا وينقذنا من كل شر.  «ارفعوا إلى العلاء عيونكم وانظروا من خلق هذه.  من الذي يخرج بعدد جندها يدعو كلها بأسماء.  لكثرة القوة وكونه شديد القدرة لا يفقد أحد» (إشعياء 40: 26). 

ليتنا في كل يوم يزداد تمتعنا بما نلناه من خلاص؛ ولا نسمح لإبليس أن يفسر لنا آلامنا وأحزاننا بل نمنطق أذهاننا فلا نجهل أفكاره أو ننخدع بها؛ وفي كل يوم نلقي رجاءنا على نعمة إلهنا الغنية.

مجدي صموئيل