Magdy Samuel

تأملات من "كتاب ممن أخاف"

الباب الأول: 4

الخوف الثالث: حرب الشيطان

 ”هبوب الرياح“


«فإن مصارعتنا ليست مع دم ولحم بل مع الرؤساء مع السلاطين مع ولاة العالم على ظلمة هذا الدهر مع أجناد الشر الروحية في السماويات» (أفسس6: 12).


لم يتعرض البيت فقط لنزول المطر ومجيء الأنهار، ولكن كان أيضًا هناك هبوب الريح من كل جانب وهى إشارة إلى الحرب الروحية المنظَّمة.  فإبليس هو المصدر الثالث للخوف، والذي يصفه الكتاب أنه رئيس هذا العالم، إله هذا الدهر، رئيس سلطان الهواء.  وهو يقود جيشًا منظَّمًا ضدنا، من رؤساء وسلاطين وولاة وأجناد، ويثير حربًا مستمرة شرسة علينا، يوجِّه فيها سهامه الشريرة الملتهبة لأفكارنا وأذهاننا ومشاعرنا وعواطفنا ليجعلنا نخاف ونرتعد. 


ويصفه الكتاب أيضًا كأنه أسد يزأر من حولنا ليخيفنا، ويجول بلا كلل ولا ملل ليجد فرصة لابتلاعنا «لأن إبليس خصمكم كأسد زائر يجول ملتمسًا من يبتلعه هو» (1بطرس5: 8).
وهذه الحرب هي في المقام الأول حرب فكرية.  «لأننا لا نجهل أفكاره» (2كورنثوس2: 11).  وأيضًا «أسلحة محاربتنا ليست جسدية، بل قادرة بالله على هدم حصون.  هادمين ظنونا وكل علو يرتفع ضد معرفة الله، ومستأسرين كل فكر إلى طاعة المسيح ومستعدين لأن ننتقم على كل عصيان متى كملت طاعتكم» (2كورنثوس10: 4–6).  فمن بداية تاريخ البشرية استطاع الشيطان أن يصوِّب سهامه الشريرة إلى فكر وقلب حواء قائلاً: «أ حقًا قال الله؟» (تكوين3: 2).  فهو دائمًا يستخدم أسلحة التشكيك والتخويف ليقود البشر للسقوط. 

ويشير داود في المزمور إلى هذا الجيش وتلك الحرب بقوله «إن نزل عليَّ جيش لا يخاف قلبي، إن قامت عليَّ حرب ففي ذلك أنا مطمئن».  إن هذا الجيش لن يكُفّ عن النزول والقتال، وهذه الحرب لن تنتهي ولن تضع أوزارها إلا بمجيء المسيح، عندما يسحق الشيطان تحت أرجلنا سريعًا.

 

مثال من الكتاب
التلاميذ في السفينة (مرقس 4)


استطاع إبليس أن يزعزع سلام التلاميذ، مع أن رئيس السلام معهم في السفينة! 
وقد فعل هذا عن طريق أمرين: الأمر الأول هو إثارة الرياح المخيفة، فإبليس (رئيس سلطان الهواء) أهاج ريحًا شديدة على البحيرة؛ فهاجت الأمواج وكانت تضرب السفينة، حتى صاروا في خطر. 
الأمر الثاني هو إثارة الأفكار المخيفة.  فالريح وحدها ما كانت تستطيع أن تسلب سلامهم وأفراحهم، فسيّدهم معهم ولم يتركهم.  ولكن إبليس، الذي لا نجهل أفكاره، استطاع أن يحوِّل أذهانهم عن بساطة الإيمان في المسيح، فصوّب إلى أذهانهم سهام الأفكار الملتهبة مِثل:
1- أفكار التخويف (أنهم حتما سيهلكون) مع أن الرب وعدهم بالاجتياز للعبر.
2- أفكار التشكيك في محبة الرب واهتمامه (أما يهمك)
3- أفكار التشكيك في قدرة الرب وسلطانه (أننا نهلك).

وهكذا استطاع أن يزعزع سلامهم. 


وبنفس الأسلوب يا أخي العزيز فإن إبليس وجنوده يهيّجون الظروف من حولنا، والأفكار داخلنا، لكي نتشكك في معية الرب معنا، ومحبته وصلاحه نحونا، وقدرته وسلطانه على ظروفنا، فنخاف ونرتعب. 
ولهذا عندما قام الرب، انتهر الريح من حولهم وقال للبحر «اسكت!  اِبْكَم!».  وانتهر الأفكار في داخلهم قائلاً «ما بالكم خائفين هكذا، كيف لا إيمان لكم» (مرقس4: 39، 40).
فماذا يفعل الإنسان المسكين وسط

 سيول الدينونة الإلهية الآتية لا محالة،

وأمواج الاضطرابات العالمية المتفاقمة من حوله،

وأعاصير الرياح الشيطانية التي لا تهدأ أبدًا. 


فعندما ينظر فوقه يجد السماء ترعد، وعندما ينظر حوله يجد الرياح تعصف، وعندما ينظر تحته يجد الأمواج تقذف
فيصرخ قائلاً: هل من خلاص؟     هل من أمان؟    هل من سلام؟      أين المفر؟    وإلى أين أذهب لأحتمي؟
وهنا يأتيه الجواب الإلهي:  «اسم الرب برج حصين، يركض إليه الصدّيق ويتمنـّع»  (أمثال18: 10)

مجدي صموئيل