Magdy Samuel

تأملات من "سلام وسط الآلام"

لماذا الألم؟
رابعًا: الامتحان الإلهي (2)

قد نستعجب كثيرًا عندما نتأمل حياة يوحنا المعمدان وكيف انتهت، ولماذا قطع هيرودس رأسه! «لأجل الأقسام والمتكئين لم يرد أن يردها. فللوقت أرسل الملك سيافًا وأمر أن يؤتى برأسه.  فمضى وقطع رأسه في السجن. وأتى برأسه على طبق وأعطاه للصبية والصبية أعطته لأمها» (مرقس 6: 26، 27).

ونتحير أيضاً إذا نظرنا إلى نهاية حياة يعقوب، أحد التلاميذ الثلاثة الأوائل الذي انتهت حياته قتلاً بالسيف «وفي ذلك الوقت مدّ هيرودس الملك يديه ليسيء إلى أناس من الكنيسة.  فقتل يعقوب أخا يوحنا بالسيف» (أعمال 12: 1، 2).

 وإذا نظرنا إلى حياة بولس الرسول فلا بد أن نستغرب من تلك الحياة المليئة بالآلام التي يلخصها قائلاً: «من اليهود خمس مرات قبلت أربعين جلدة إلا واحدة.  ثلاث مرات ضربت بالعصي.  مرة رجمت.  ثلاث مرات انكسرت بي السفينة. ليلاً ونهارًا قضيت في العمق ... في تعب وكد.  في أسهار مرارًا كثيرة.  في جوع وعطش.  في أصوام مرارًا كثيرة.  في برد وعري»  (2 كورنثوس 11: 23 – 27).

ولكننا نطمئن حين ندرك ونثق أن حياتنا هاهنا ما هي إلا فصل قصير من فصول الرواية وليست كل الرواية.  لذلك يشهد الرسول عن حياته هاهنا وما بعدها قائلاً «قد جاهدت الجهاد الحسن أكملت السعي حفظت الإيمان.  وأخيرًا قد وضع لي إكليل البر الذي يهبه لي في ذلك اليوم الرب الديان العادل» (2 تيموثاوس 4: 7، 8).  إن رجاءنا ليس فيما هو الآن ولكن فيما ينتظرنا من مجد وإكرام أمام كرسي المسيح.  فهو القائل «حاشا لي،  فإني أكرم الذين يكرمونني» (1 صموئيل 2: 30).

إن المدح والكرامة والمجد ليس لنا فقط بل للصائغ الماهر الذي صنع الإناء، فالإناء ليس له فضل في ذاته إنما كل الفضل لأنامل الصائغ الماهر ومهارة يديه.  لذلك عندما نصل إليه سنعطيه كل المدح والكرامة والمجد ونرنم قائلين «مستحق أنت أن تأخذ السفر وتفتح ختومه لأنك ذبحت واشتريتنا للّه بدمك من كل قبيلة ولسان وشعب وأمّة» (رؤيا 5: 9). 

أحبائي، الذهب النقي هو الذهب الذي إذا دخل النار وامتحن يستطيع ان يرى فيه الصائغ صورته بوضوح؛ عندئذ يخرجه من النار.  ياليتنا نتعلم هذا الدرس من الذهب الفاني، فلن يخرجنا الرب من النار إلا بعد أن تظهر صورته فينا بوضوح.  لذلك يقول الرسول بولس هذه الكلمات «إلى أن يتصور المسيح فيكم» (غلاطية 4: 19). 

مجدي صموئيل