Magdy Samuel

تأملات من "سلام وسط الآلام"

لماذا الالم؟
أولاً: يعقوب والتنقية الالهية - (2)

لقد دخل يعقوب النار عدة مرات حتى يصل إلى الصورة التي يريدها الرب منه.  لم تخرج شوائب المكر والخداع من يعقوب بعد أن نجاه الرب من أخيه عيسو إذ هرب إلى خاله لابان.  «فحقد عيسو على يعقوب من أجل البركة التي باركه بها أبوه. وقال عيسو في قلبه قربت أيام مناحة أبي. فاقتل يعقوب أخي. فأخبرت رفقة بكلام عيسو ابنها الأكبر. فأرسلت ودعت يعقوب ابنها الأصغر وقالت له هوذا عيسو أخوك متسلّ من جهتك بأنه يقتلك فالآن يا ابني اسمع لقولي وقم اهرب إلى أخي لابان إلى حاران وأقم عنده أياما قليلة حتى يرتد سخط أخيك حتى يرتد غضب أخيك عنك وينسى ما صنعت به. ثم أرسل فآخذك من هناك» (تكوين 27: 41 – 45).  ولم يخرج الخداع منه أيضاً بعد عشرين سنة في نار أتون خاله لابان التي قال وصفها للابان قائلاً: «كنت في النهار يأكلني الحرّ وفي الليل الجليد. وطار نومي من عينيّ. الآن لي عشرون سنة في بيتك. خدمتك أربع عشرة سنة بابنتيك وست سنين بغنمك. وقد غيّرت أجرتي عشر مرات» (تكوين 31: 40، 41).

وبدلاً من أن يرجع يعقوب عن خداعه بعد هذه العشرين سنة  نجده يخدع لابان خالة ويهرب منه إذ يشهد الوحي عن هذا قائلا «خدع يعقوب قلب لابان الأرامي. إذ لم يخبره بأنه هارب» (تكوين 31: 20).  لكن الرب في رحمته ظهر للابان في حلم ليمنعه من أن يصنع به شرًا ويعترف بذلك لابان قائلاً «الآن بغباوة فعلت. في قدرة يدي أن أصنع بكم شرًا. ولكن إله أبيكم كلمني البارحة قائلاً احترز من أن تكلم يعقوب بخير أو شر» (تكوين 31: 28، 29). 

وان كان يعقوب قد فعل أشياء كثيرة بمكر وخداع وبغباوة كما قال لابان، إلا أن هذا لم يمنع إحسان الرب له، ولم يرد البركة التي باركه بها على فم إسحاق أبيه.  «لأن الرب إلهك إله رحيم لا يتركك ولا يهلكك ولا ينسى عهد آبائك الذي أقسم لهم عليه» (تثنية 4: 31). 

أخي، في طريق تنقية الرب لنا لا ينسى إحساناته لنا ولا وعوده لنا، «لأن هبات الله ودعوته هي بلا ندامة» (رومية 11: 29).  إن الألم الذي يسمح به الرب لنا محدد وإلى وقت محدد، أما رحمته بلا حدود لذلك يقول عنه داود في مزمور 103 «لا يحاكم إلى الأبد ولا يحقد إلى الدهر‏... أما رحمة الرب فإلى الدهر والأبد على خائفيه وعدله على بني البنين».  دعنا نطمئن ونحن بين يدي إلهنا الرحيمة فهو القائل «لحيظة تركتك وبمراحم عظيمة سأجمعك» (اشعياء 54: 7).

مجدي صموئيل