Magdy Samuel

تأملات من "سلام وسط الآلام"

لماذا الالم؟
أولاً: يعقوب والتنقية الالهية - (1)

«لكي تكون تزكية إيمانكم وهي أثمن من الذهب الفاني مع أنه يمتحن بالنار توجد للمدح والكرامة والمجد عند استعلان يسوع المسيح» (1 بطرس 1: 7). 
يشبه الرسول بطرس إيماننا وقت التجربة بالذهب حين يدخل النار، وإن كان الذهب ثمينًا إلا انه فانٍ، بينما إيماننا ثمين لا يفنى.  لذلك يقول عنه الرسول بطرس في رسالته الثانية «إيمانا ثمينا مساويا لنا ببر إلهنا» (2 بطرس 1: 1)

لماذا يدخل الذهب النار؟
أولاً:  ليتنقى ولتنتزع منه الشوائب والزغل وكل ما ليس ذهباً، فيخرج ذهبًا مصفى. «إذا جربني أخرج كالذهب» (أيوب 23: 10)
ثانياً:  ليُشَكل ويُصاغ ولتظهر به مهارة يدي الصائغ.  نعم الذهب الخام ثمين ولكن الذهب المصاغ من يدي الصائغ الماهر أثمن.
ثالثاً:  لكي لا يتأثر بعوامل التعرية والاكسدة، فلا يتغير لونه أويفقد بريقه فيما بعد.
رابعاً:  لتمتحن درجة نقائه ويحدد تصنيفه وعياره. 

ولماذا ندخل نحن في التجربة؟
أولاً: لينقينا (يعقوب والتنقية الالهية)
حقًا إن كلمة الرب تنقينا، إذ يقول عنها «أنتم الآن أنقياء لسبب الكلام الذي كلمتكم به» (يوحنا 15: 3)، وقد نتغير أيضاً بعمل روح الله أثناء حضورنا الاجتماعات الروحية وأثناء خلوتنا الفردية،  ولكن هناك أمورًا في حياتنا لا يمكن ان تخرج منا بسماع عظة، إنها لا تخرج إلا عندما ندخل أتون النار. 

عندما أتأمل في قصة يعقوب أتعجب بل أشعر بالخوف أيضاً.  فما أبعد الفارق بين يعقوب وهو واقف أمام إسحق ليخدعه، ويعقوب في نهاية حياته وهو واقف أمام فرعون ليباركه.  يعقوب الواقف امام إسحق شحص مملوء مكرًا وخداعًا وشرًّا وأنانية ومتكل على الجسد، فقد قال عنه اسحق لعيسو «قد جاء أخوك بمكر وأخذ بركتك» (تكوين 27: 35).  ولكن يدي الصائغ الماهر أدخلته النار واستطاعت ان تنقيه في نهاية حياته، فيعترف بمعاملات الرب الصالحة معه وهو يبارك ابنه يوسف قائلاً «بركات أبيك فاقت على بركات أبويّ» (تكوين 49: 26). 

أخي، ليس غرض الرب من التجارب هو فناؤنا، بل تنقيتنا وتأديبنا؛ لذلك يقول ليعقوب: «أما أنت يا عبدي يعقوب فلا تخف لأني أنا معك لأني أفني كل الأمم الذين بددتك إليهم. أما أنت فلا أفنيك بل أؤدبك بالحق ولا أبرئك تبرئة» (ارميا 46: 28).  

ثم يشهد الوحي عن يعقوب قائلاً: «لم يبصر إثمًا في يعقوب. ولا رأى تعبًا في إسرائيل. الرب إلهه معه».   وقد نتساءل؛ يا رب ألم ترَ إثماً في يعقوب، هذا الشخص المخادع الذي لم يخدع اباه اسحق فقط بل خدع اخاه عيسو وخاله لابان أيضاً! الم تري تعباً فيه بعد كل هذه الحياة المليئة بالمكر والخداع!  فيجيب الرب «إني قد أمرت أن أبارك.  فإنه قد بارك فلا أرده»  نعم لأنه هو الرب «ليس الله إنسانا فيكذب.  ولا ابن انسان فيندم.  هل يقول ولا يفعل او يتكلم ولا يفي» (عدد 23: 19 – 21). 

أخي، إن بركات الرب لا ترد وإحساناته لا تتوقف أبدًا، حتى وإن كان يستخدم النار لتنقينا، فهو المكتوب عنه «يعود يرحمنا يدوس آثامنا وتطرح في أعماق البحر جميع خطاياهم. تصنع الأمانة ليعقوب والرأفة لإبراهيم اللتين حلفت لآبائنا منذ أيام القدم» (ميخا 7: 19، 20).

مجدي صموئيل